Shop

على خلافٍ “السرْديّات، السائدة للحداثة، سواءٌ كانت “اتّصاليّةً” (تعود بها إلى العصر الوسيط المتأخّر وحتّى إلى مطلعه) أو “قطائعيّةً (تمتدّ بها إلى ما بعْديّاتِ شتّى)، يبتكر هذا النصُّ أسوةً حدْس نيتشويّ جليلٍ، منظورًا بعينه في النقد الجنيالوجيِّ قَضًّا مغايِرًا للأزمنة الحديثة من حيث نشوءاتُها وتشكّلاتُها وتوتّراتُها الدفينة. ومن ثمّ، تنكشف الأزمنةُ الحديثة قِدْرَ إِنغالٍ وتهجينٍ لا أحد بمقدوره اليومَ أن يتنبّأ بأوان انخماده، بعد اتّقاده وغليَانه فجْوةً من بعد فجوةٍ. وأمّا ذراريها فمرهِبون لأنّهم حمّالو نُغولةٍ نسابيّة يتحيّزون عند الهوى قوى نشْء لكائنات مسيخةٍ لا تشتغل إلاّ تزييغًا يِسابيًّا وتخريبًا لإمكان الاستخلاف والتوارث بين الأجيال، بل انْفصالًا بالتمام عن هيْلمان الأصل والتَخْدار والترِكة. ذلك أنّهم في الحقيقة ذُريّةُ “الولاداتِ الثواني، التي بها بستطيع كلّ واحد منهم أن يتحقّق بصفته (فوضويًّا، سيكوباتيًّا، اشتراكيًّا، فاشيًّا، عبقريًّا، ذُهانيًّا، بوهيميًّا، شيْطانيًّا، فرّدانيًّا، إرهابيًّا، نبيًّا، عدَميًّا، ميتافيزيقيًّا … )، لأنّه في هذه كلّها، هو الصانع المحدَّثُ لأقنعته بيديّه.

كذلك يُعرض الذراري المرعبون للحداثة بصفتهم “المستهلِكين الأواخر، عن المواضي جميعًا، سقوطًا حُرًّا إلى الأمام أو إلى أعلى … ومن دون مقصورة قيادة …

عدد الصفحات

496

الكاتب

بيتر سلوتردايك

ترجمة و تقديم

ناجي العونلّي

الطبعة

1

اسم دار النشر

منشورات الجمل

سنة النشر

2024

ذرية الحداثة، المرعبون في الحداثة تجريبا جنيالوجيا مضادا
This website uses cookies to improve your experience. By using this website you agree to our Data Protection Policy.
Read more