اغوتا كريستوف من مواليد احدى القرى الهنغارية عام 1935. والدها المدرس الوحيد في القرية وله محاولات لا بأس بها في مجال الكتابة الادبية. أخوها كاتب معروف في بلاده. أتقنت القراءة وهي لمّا تزل في الرابعة من عمرها. تقول إنها كانت تقرأ كلّ ما يقع تحت يدها. عانت جراء الحرب كثيرًا واضطر اهلها لإدخالها في طفولتها إلى مدرسة داخلية مغلقة تفتقر إلى الكثير من وسائل الراحة، ولعلّ هذا ما دفعها فيما بعد للانشغال بموضوع الحرب وما تخلّفه من آثار قاسية على من يكتوي بنارها.
المُثير أن أعمال أغوتا كريستوف أُدرِجَت في خانة أدب الحرب، أو الأدب النضالي أو الثوري. وصُنفت بين الروائيين الطليعيين المُنشقين عن الأنظمة الشيوعية السوفياتية في شروق ووسط أوروبا، مثل الفيلسوف الروماني إميل ميشيل سيوران، والتشيكيان إيفان كليمان، وميلان كونديرا، وغيرهم ممن كتبوا بالفرنسية، أو غيرها. إلا أن الأمر في ما يتعلق بأغوتا كريستوف كان غير ذلك بالمرة. لم تكتب أغوتا روايات حرب على النحو المُتعارف عليه أبدًا في تاريخ الرواية. ولا اختارت أن تكون من الطليعيين، أو المتمردين ضد النازية ثم الشيوعية، وغيرهما. لم تترك بلدها بإرادتها، ولا استبدلت لغتها بالفرنسية عن اختيار وتصميم. الأمور مُغايرة كثيرًا جدًا في ما يتعلق بأمر أغوتا كريستوف. ولذا، لا تستقيم التصنيفات الكثيرة المُلصقة بها.
عام 1986، نشرت رواية “الدفتر الكبير”، ولاقت نجاحًا كبيرًا ومباشرًا، وحازت على أكثر من جائزة، وترجمت لأكثر من أربعين لغة. وكانت الدافع أو الحافز لأن تتبعها بروايتين، “البرهان” (1988)، و”الكذبة الثالثة” (1991)، لتشكل الروايات معًا ثلاثيتها الشهيرة التي تعد واحدة من أشهر الثلاثيات المكتوبة في الأدب الحديث المكتوب بالفرنسية، رغم أنها ليست مُرقمة، ولا مُقسّمة إلى أجزاء، وما من رواية تُوحي أن جزءًا سيُتبع بآخر. أيضًا، ما من إشارة إلى أن “الكذبة الثالثة” خاتمة لثلاثية، إذ لكل رواية كيانها الروائي المُنفصل عن الآخر، والمتصل أيضًا، عبر وحدة موضوع وشخصيات وأسلوب.
خلال مسيرتها، نشرت أغوتا كريستوف رواية صغيرة بعنوان “أمس” (1995)، ومجموعة نصوص متنوعة بعنوان “سيّان” (2005). إضافة إلى عدد من المسرحيات والنصوص الإذاعية. كذلك، سيرتها الذاتية الموجزة “الأُميّة” (2004). وأخيرًا، مجموعة “أينك يا ماتياس” (2006).
عانت أغوتا كريستوف من مشكلة في ساقها جعلتها حبيسة منزلها لفترات طويلة. وفي سنواتها الأخيرة، لم تكتب أو تنشر أي جديد، وتوفيت في صمت تام في منزلها السويسري في 27 يوليو/ تموز 2011.