تقدم أعمال هاينه كمية لا يستهان بها من الدلائل التي تعكس في قليل أو كثير علاقة جلية له بالشرق، وبالدرجة الأولى تلك النصوص التي تحمل اسم الشرق في عناوينها، وعلى سبيل الذكر مثل العمل الدرائي التراجيدي “المنصور” والقصيدة التي تحمل نفس الإسم – وكذلك القصائد المتأخرة مثل “العاشق العذري” و”علي باي” و”الملك الأندلسي” أو “الشاعر الفردوسي”.
فضلاً عن ذلك كله فهناك كمية كبيرة أخرى في أعمال هاينه الشعرية والنثرية تحوي ملاحظات ومشاهدات وإشارات ورموزاً ومقارنات أخرى، إلى جانب كثير من الصور والعناصر المباشرة وغير المباشرة والمتعلقة بموضوع الشرق من النواحي الأدبية والدينية والتاريخية والسياسية والحضارية.
كل هذه العوامل شكلت حافزاً دفعت الكاتب إلى تأليف هذا الكتاب، هذا وبالنظر إلى تعدد معاني مفهوم “الشرق” من إستعماله عند هاينه وفي معناه العام، تم الإقتصار على معناه الإسلامي، لذلك فإن الموضوع محور البحث لا يتعلق بعلاقة هاينه بالشرق عموماً، وإنما يتعلق بالشرق الإسلامي فقط.
وإن هذا الإرتباط لمفهوم الشرق له بالتأكيد بعد ديني أو بعد تاريخي ديني وهذا يعني فيما يتعلق بالشعوب العربية أو التي تتكلم اللغة العربية والفرس والترك، أي تلك الدول التي كانت ولا تزال تكوّن بلدانها القسم الأعظم من الشرق الإسلامي بالمعنى الجغرافي، وهي تكوين محور البحث في هذا الكتاب، بالإضافة إلى مجال آخر أضافة المؤلف هو “أسبانية الإسلامية” أو “أندلس المسلمين”، حيث حظيت أسبانيا بحظ وافر في هذا البحث، لا سيما أنها تكون، نوعاً وكماً، أهم ما كتب هاينه عن الشرق، وهذا يعني تراجيديا “المنصور” من أعماله الأدبية المبكرة.
وبصورة عامة، فإن هذا البحث يحوي في الدرجة الأولى كمية وافرة لمواقع مختلفة في أعمال هاينه ووسائله التي لها علاقة صريحة أو ضمنية مع الشرق الإسلامي، تم تقسيم هذه المواد الواسعة بحسب محتوياتها ومواضيعها إلى أربع مجموعات رئيسية، ينطلق القسم الأول من التراجيديا المذكورة أعلاه “المنصور” ويبحث فضلاً عن ذلك الجوانب الأخرى للأوجه “الأسبانية الإسلامية” عند هاينه.
أما القسم الثاني فيبحث في علاقة هاينه الملموسة بالأدب الإسلامي الشرقي، وبعبارة أوضح بالأدب الفارسي والعربي، ويعود كلٍّ منهما إلى العمل القصصي الخيالي المشهور عالمياً “ألف ليلة وليلة” حيث يتم الوصول إلى إستنتاج هو أن هذه الأعمال كانت من القراءات المجندة والمؤثرة عند هاينه، يتبع ذلك وقفة للتمعن في الخلفية الأدبية التي كونت صورة الشرق عند هاينه، أما القسم الثالث فيتم فيه التركيز على المؤشرات التي لها علاقة بالدين الإسلامي، وبالأخص القرآن الكريم، وبالنبي محمد صلى الله عليه وسلم، ويدور القسم الرابع حول موقف هاينه أمام الأزمات السياسية التي حدثت في النصف الأول من القرن التاسع عشر، تلك الأزمات التي تواجدت بين دولة أو عدة دول أوروبية وبين السلطة الرئيسية آنذاك، أي الإمبراطورية العثمانية أو جزء منها، والتي شكلت ما يسمى “المسألة الشرقية” المعروفة.
وقد سلك المؤلف في تقييم المواقف المتعلقة بالموضوع مسلكاً زمنياً إلى حدٍّ كبير، وكان همه في ذلك إيضاح هذه المواد الضخمة تفصيلاً، والتعليق عليها قدر الإمكان، ومن ثم تنظيمها بصورة مستساغة بحسب محتوياتها.
الوزن | 506 جرام |
---|---|
اسم المؤلف | منير الفندري |
عدد الصفحات | 416 |
سنة النشر | 2010 |
الطبعة | 1 |
اسم دار النشر | الجمل |
اسم المترجم | حسام الحيدري |
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.