أطلقت هدى صرخة هستيرية وهي ترى قاسم يسقط على حافة الرصيف، ملطخاً بالدم والوحل وقد انفلتت إحدى فردتي حذائه وسقطت على الرصيف، ثم وقفت مشدوهة لا تعرف ماذا تفعل، بل إنها لم تجرؤ حتى على الصراخ مرة أخرى، محدقة كما لو أنها في غيبوبة في المعاون قاسم الذي كان ينزف مرمياً، نصفه فوق إسفلت الشارع ونصفه الآخر فوق الرصيف. حاول قاسم أن يرفع نفسه ولكن يديه غارتا في الماء الآسن المتجمّع في الشارع وهوى مرة أخرى على وجهه الملطخ بالدم والوحل. وفي لحظة، لحظة سريعة جداً رأى قاسم صديقه القديم جليل محمود يلوح له من فوق غيمة بعيدة وثمة أغنية قديمة تهمس في ليل: “آواه أيها الطحان، أيها الطحان… أنت صاحب الخان وأنا المسافر”. جاهد أن يجر جسده الذي كان ينتفض إلا أنه شعر أنه متعب، متعب جداً، فاستسلم للنعاس، النعاس اللذيذ.
عدد الصفحات | 176 |
---|---|
الكاتب | فاضل العزاوي |
الطبعة | 1 |
اسم دار النشر | منشورات الجمل |
سنة النشر | 2021 |