حلم العربي بالهجرة إلى بلاد الغرب الأوربي، هو ما يتبادر إلى الذهن عند قراءة رواية الكاتب التونسي علي مصباح “سان دني” وبالتحديد إلى مدينة مرسيليا والزمان هو القرن التاسع عشر الميلادي، وأحلام الشباب بأن يرتموا في أحضانهم “بنات الفرنسيين”، كما كنا نعتقد، أو كما كنا نمنّي أنفسنا على الأقل”، أما الواقع فهو مغاير تماماً “هناك الهيئات الغامضة للجزائريين والأفارقة الذين يوقعون قتامة المساء بخطواتهم الثقيلة المترنحة على الأرصفة، كما لو كانوا يسيرون داخل حلم ثقيل …” هذا المشهد هو وجه من أوجه العلاقة بين الجنوب والشمال، بين الشرق والغرب التي تطرحه رؤية الكاتب، ويتم التعبير عنها عبر مجموعة من الشباب المغاربي رأت خلاصها بالسفر إلى فرنسا والعمل هناك “أعني مجموعتنا المكوّنة من يوسف ورياض ومحرز وأنا”، والأنا هي عادل سعيدان الذي رمى بفردة حذائه في البحر :قائلاً بنبرة إحتفالية “لن أعود!”. ولأن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن ستواجه أبطال الرواية صعوبات “وإذ رحلتنا التي كنا نحلم بها فسحة مرحة في مدن الأحلام تتحول إلى ضرب من المغامرة التي لا تخلو من مخاوف ومخاطر …”.
هذه الأحداث يقولها علي مصباح في روايته بدءاً من العنوان الذي يحيل إلى إحدى المدن الفرنسية، أما السرد فيترنح بين الأمام والوراء، ويترجح بين الخارج والداخل – الأفكار والذكريات – . وفي الرواية راوٍ واحد يمسك بخيوطها ويستخدم صيغة الغائب ويختفي خلفه الروائي، كما يمكن أن يتقاطع مع بعض شخصيات العمل من المجموعة نفسها. كما تقوم في الرواية شبكة من العلاقات الروائية يتحرك فيها مكّوك السرد بين فرنسا – تونس – باريس – مرسيليا، ولعل الشكل الذي يتخذه الحوار في النص يعكس طبيعة الحوار بين الأنا والآخر، بين الجنوب والشمال، أو بين شرق – غرب، واللغة مصاغة بين الفصحى والعامية، وتجنح إلى الجمل القصيرة والمتوسطة، وبهذه المواصفات وبغيرها، يطرق الروائي موضوع الهجرة الذي هو قديم – حديث، ولكن بمقاربة مختلفة .
الوزن | 419 جرام |
---|---|
اسم المؤلف | علي مصباح |
عدد الصفحات | 368 |
الطبعة | 1 |
سنة النشر | 2015 |
اسم دار النشر | منشورات الجمل |
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.