قررنا أنا ومارسيلو أن نلتقي لنحيي مناسبة إجتيازه الإمتحان عند مجلسنا في مقهى صغير على شارع Piazzd Navona… وإذ نحن جالسون راح مارسيلو فجأة ينادي بصوت عال: أدعوك إلى طرابلس لنقضي عندنا عطلة العيد… ستستقبلك عائلتي بصدر رحب، وستكون لك فرصة للتعرف على طبيعة عملنا في المستعمرات الأفريقية؛ هذا العمل ممتع حقاً وجدير بالمشاهدة… أما عن تكاليف سفرك، فلا تهتم…
ومقابل هذا، آمل أنك ستأخذين يوماً ما إلى بلدك بولندا لتريني حقول الحبوب عندكم ومناجم الفحم والملح… عند سماعي هذا انشرح صدري وكادت روحي تطير فرحاً، فهي أمنية كنت أحلم بها ولم أتوقع أنها ستتحقق يوماً!…
أفريقيا الصحراء… الواحات، الجمال، بنات آوى… عال يا مارسيلو!… أنت من عظماء الرجال، كُنّ في إنتظاري في طرابلس؛ وهكذا كانت المغامرة…
وقد مضى الكاتب في مغامرته، فكانت تجربة عاشها المؤلف، وترك للتاريخ تفاصيلها من خلال كتاب دوّنه يصف هذه الرحلة… إذن فهذا الكتاب “حصون على الرمال” يدخل في إطار أدب الرحلات، وأسلوبه شيق وجذاب، أما كاتبه، فقد بذل جهداً لا يستهان به من أجل تحقيق حلم زواله منذ كان صبياً: الوقوف على نمط حياة غيره من سلالة آدم وحواء وكشف أسرار الصحراء الخلابة.
كل شيء على وجه الأرض يتغير، وليبيا اليوم ليست كما كانت عليه عندما زارها الكاتب البولندي قبل سبعين سنة ونيف؛ كانت مدة الرحلة أربعة أشهر مضاها الكاتب في مناطق يجهلها؛ فقد كانت الكاتب طالباً جامعياً في روما، ومنها سافر إلى ليبيا بإقتراح ودعم من أصدقائه الإيطاليين.
وأما الفترة الزمنية من تاريخ ليبيا والتي عاصرها الكاتب في رحلته هذه؛ فهي محصورة بفترة زمنية حساسة في تاريخ هذا البلد، تميزت بفصل ليبيا عن التبعية العثمانية، وإدخالها ضمن النفوذ الإيطالي الذي حولها إلى مستعمرات إستراتيجية.
وكما سيلمح القارئ؛ فإنه وخلال فترة وجود الكاتب في ليبيا، كانت الغاشية الإيديولوجية الرسمية المعتمدة في إيطاليا؛ وتمثلت بموسوليني وأطماعه الإستعمارية، ومنها إنضمامه إلى معسكر هتلر في سنوات الحرب العالمية الثانية.
ولا يخفي الكاتب، وفي أكثر من مكان، قلقه من تبعات هذه الإيديولوجية التي أسفرت فيما بعد عن إحتلال بولندا وغيرها من الدول الأوروبية من قبل النازية التي تجسدت بسياسة هتلر المدمرة، تطبيق الغاشية بدأ في ليبيا والكتاب إلى هذا توثيق حيّ لتلك الفترة من تاريخ ليبيا.
بالإضافة إلى ذلك، فقد حوى الكتاب معلومات عن بولندا وبعض رحالاتها وكتّابها ومعالمها الأثرية، وكذلك حوى الكتاب في نهايته معلومات إحصائية نادرة وبالأرقام، عن الجزء التريبوليناني من ليبيا، شمل كل مناحي الحياة ومعالج الطبيعة من جغرافيا وتعليم (المدارس بمختلف مراحلها) وثقافة (أسماء الصحف) ورياضة (أسماء النوادي) وتجارة وطرق وثروة حيوانية ونباتية وإنتاج وحجم الإستيراد والتصدير مع تعداد السكان وتوزيعهم وأصولهم.
وتعد هذه مصدراً وثائقياً مم لمن يهتم أو سيهتم بليبيا؛ هذا وإن دراسة مقارنة كهذه تعطي صورة عن وتيرة النمو في ليبيا خلال سبعين سنة.
الوزن | 382 جرام |
---|---|
اسم المؤلف | برونيسواف فيجايسكي |
ترجمة | ميخائيل عبدالله |
عدد الصفحات | 344 |
سنة النشر | 2012 |
الطبعة | 1 |
اسم دار النشر | الجمل |
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.