يثير الكاتب السعودي “إبراهيم البليهي” في كتابه هذا مسألة على غاية من الأهمية، يتوجب على كلٍّ منا أن يفكر فيها بحس مسؤول وبعقل ناقد، ألا وهي – موانع النهوض – لماذا لم ننهض نحن العرب، هي الإشكالية التي ينطلق منها، عبر تحليل عميق لتاريخ الحضارات، ومقارنات عدة يستحضرها ليدعم حججه ويقيم البرهان على صحة ما يقول، فلم يجد سبيلاً إلا المنهج الحواري، فبرأيه، هو الأنجع والأوسع.. فالكتب لا تغني عن الحوارات ولا الحوارات تغني عن الكتب فالقضايا المحورية والأفكار التأسيسية يجب أن تطرح بكل الأساليب وأن تناقش بشتى الطرق وأن يعاد طرحها وأن يكرر الحديث عنها حتى تنجلي. في كتابه هذا يعيب على الثقافات التقليدية انغلاقها على ذاتها وقمعها لأية فكرة طارئة، فالتجربة أثبتت سواء في الغرب أو الشرق إلا بأن دخول حضارة العصر لا يمكن تحقيقه إلا بجهود فكرية عاصفة ومجلجلة تتوجه إلى كل الأمة وليس فقط لفئة من الدارسين وأن تستخدم كل وسائل التواصل في التعليم والإعلام والمنابر وغيرها من وسائل الإثارة والحفز والتأثير كتوجه عام مثير وموقظ وحافز يستهدف خلق وعي جديد بكل ما تعنيه الجدة من معنى وفاعلية..”. يبرهن على صحبة بالفكر الفلسفي اليوناني الذي اعتبره “الطفرة الثقافية الأولى في التاريخ الإنساني التي كشفت غيبوبة العقل البشري واستسلامه لثقافات متناقضة تدعي كل منها بأنها وحدها تملك الحقائق المطلقة، فأبرزت هذه الحقيقة البشرية المأساوية وأعلنت أن اعتقاد كل ثقافة بأنها وحدها الثقافة الصحيحة.. هو العائق الأكبر للتطور الثقافي والحضاري..”. في جانب آخر يعجب بالنهضة الفكرية للغرب الأوروبي “فنهضة الفكر شرط أولي لنهضة العلم ومقدمة أساسية لتقدم المجتمع فالنهضة الفكرية التي شهدتها أوروبا عند نهاية العصور الوسطى جعلتها متهيئة لإنتاج العلم واستقباله وتطبيقه..”. يريد في المجتمعات التقليدية “الاعتراف بالخلل الثقافي والصدق في إصلاحه هو مفتاح النجاح”. ويشدد على التعليم الذي يجب أن يسبق بنهضة فكرية تفتح الأقفال الثقافية التي تتوارثها الأجيال.. فالعلوم ما هي إلا نتائج الأفكار. يضم هذا الكتاب مجموعة هامة من الحوارات التي أجريت مع المفكر إبراهيم البليهي جاءت تحت عنوان “مكاشفات البليهي” وتتكون من خمسة أجزاء إضافة إلى حوارات أخرى أجريت معه في عدة جرائد معروفة مثل الحياة والرياض والقبس الكويتية، والراية القطرية، وكذلك حوارات منتدى دار الندوة المفتوح، ولقاء منتدى الشبكة الليبرالية – الإنترنت. كتاب هام، يركز فيه الباحث على الفكر النقدي الذي يجب أن تأخذ به جميع المجتمعات، فهو العامل الوحيد الذي يحرر هذه المجتمعات ويحرك العقول وينير البصائر ويعري الأوهام ويكشف الجهالات ويولد الأفكار وينوع البدائل ويهيئ الحلول.
الوزن | 532 جرام |
---|---|
اسم المؤلف | ابراهيم البليهي |
عدد الصفحات | 488 |
سنة النشر | 2010 |
الطبعة | 2 |
اسم دار النشر | الجمل |
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.