لم يكن فهم عزوا باوند سهلاً قط. لا في شعره ولا في نثره ولا في حياته ولا في مواقفه. فقد شكلت سعة أطلاعه ومديات تجريبه، تاهيك عن تطرُّفه وغرابته، تحدياً دائماً لقرَّاثه. كما طغتْ حياتُهُ في مغترباته على هويته يوصفه أمريكياً. ثم غيّبتها في سنوات الحرب العالمية الثانية عندما أيْدَ موسوليني والتحالف القاشي النازي.
تحاول هذه المختارات الشاملة من أناشيده وقصائد وترجماته ومقالاته عن الشعر والشعراء ورسائله، أن تفصح عن دوره الأساسي في الحداثة، وتظهر جوانب إنسانية من شخصيته التراجيدية الملئيسة. كما تحاول الإحاطة بجوانب من مشروعه الفكري العميق والمثير للجدل، وإيلاء اهتمام خاص بالمنعطف المركزي في تجربته المتمثل بتاييد، لموسوليني والغاشية، وبتّهٍ سلسلة من الخطايات من إذاعة روما وصفت بأنها مضادة لأمريكا و(معادية للسامية) وتسيبت باعتقاله ومحاكمته بتهمة الخياتة. وهي محاكمة سرعان ما أفضّتْ إلى إيداعه مصحة لعدم الأهلية العقلية! مما جعل النظر إلى تجربته تتنازعه العيفرية والجنون.
فهل كان مجتوناً حقاً أم هو شاعر عملاق ومتقف عيقري لم يفهمه عصره؟ إنه شاعر لم يفهمه عصره، وما زال هذا العصر يحاول نهمه. فما صدر من دراسات عن تجريته أعقبت وفاته وحتى الآن، تؤكد رهاته على المستقيل الذي فهم منذ البداية أنه كفيلٌ بأن يولي شعره الفهم الذي ستحقه، وأن تبقى شعلة حدائه متوهجة وإن خفتت شعلة حياته.
عدد الصفحات | 832 |
---|---|
الكاتب | عزرا باوند |
أختارها و ترجمها و قدَّم لها | محمد ناصر الدين |
الطبعة | 1 |
اسم دار النشر | منشورات الجمل |
سنة النشر | 2024 |