Shop

تفاصيل كثيرة حول المؤامرة التي ختمت بثورة الرابع عشر من تموز 1958 ما تزال مجهولة، على أن ما قيل وكتب عنها من قبل الشخصيات الرئيسة الضالعين فيها وأصدقائهم الموثوقين قد يكفي ويساعد على رسم صورة وافية معقولة.

بنتيجة التأمل والتدقيق، تلوح سمتان بارزتان متميزتان: الثورة كانت عسكرية في تصورها والتخطيط لها وتنظيمها وتنفيذها، وإن الطابع العسكري للمؤامرة حوفظ عليه رغم الإتصالات التي جرت مع عدد من الأوساط المدنية المعارضة للنظام الملكي.

لم يفش موعد الإنقلاب إلا إلى عدد قليل من الساسة، وقد تم ذلك قبل يوم أو يومين منه، السمة الثانية هي أن “الهيئة المركزية للضباط الأحرار” التي وجدت قبل الإنقلاب كانت تنظيماً لا يمكن مقايسته بعصبة الضباط المحبوكة النسيج التي تزعمها (جمال عبد الناصر) بهدف الإستيلاء على الحكم في مصر في عام 1952.

فالثورة في العراق كانت حتى في مراحلها التحضيرية من عمل شخص واحد، وقد نفذها (قاسم) مع العقيد (عبد السلام عارف) معاونه الشخصي الموثوق به، في حين أن زعامة (قاسم) لم تكن قط مقبولة من غير تحفظ من قبل مجموعة الضابط المؤتمرين كدعامة (عبد الناصر) التي قبلتها حلفته دون تحفظ.

كانت “حركة الضباط الأحرار” في قيد الحياة منذ العام 1952 على أقل تقدير وبعد أن زودت مصر جيش العراق كما زودت غيره بالفكرة القائلة إن أي “نظام فاسد” يمكن إزالته بسهولة نسبية وبمساندة جماهيرية ضخمة وعلى أي حال كان بوسع الحركة في مصر أن تتغلغل في صفوف طبقة ضباط بسطاء لا خبرة لهم في السياسة، وبفضل شخصية زعيم واحد لا غير، بقوة إستمرارية دافعة وعبقرية فذة في كسب الولاء لنفسه.

لكن الحال كان مختلفاً في العراق، فقد وجدت عدة مجموعات بصورة مستقلة بعيدة بعضها عن بعض، استقطبت في عين الوقت داخل وحدة عسكرية معينة وتكاثرت في جو من الوعكة الصحية يميل الضباط العراقيين إلى النشاط التآمري وتجربتهم فيه، شد ما بينهم رباط وثيق سواه ولحمته التهديد الدائم بإفتضاح أمرهم وما سيصيبهم من خزي جراء ذلك وضرورة تحقيق صلة مع الساسة المعارضين المقتنعين بإستخدام الجيش في هذه المهمة.

هذه المجموعات التي تأثرت بتطورات أحداث المنطقة العامة، أو ربما لأنها بلغت درجة كافية من النضوج السياسي، ما لبثت أن انتظمت مبدئياً وبالتدريج في مجموعات ثلاث ثم باثنتين، وأخيراً بحركة الضباط الأحرار الموحدة.

ضمن هذه المناحات، تأتي الدراسة في هذا الكتاب والتي تناولت العراق في عهد القاسم حيث أن ثورة 1958 فتحت باباً جديداً في تاريخ البلاد الحديث؛ فقد هيأت الساحة ومهدتها لمباراة كانت كل واحدة من تلك القوى التي رحبت بالتغيير تأمل بنتيجتها التوصل إلى أهدافها الخاصة المتمايزة والمتنافرة عموماً مع أهداف القوى الأخرى وهذه “المباراة” هي موضوع الكتاب الرئيس.

ويذكر المؤلف بأن بناء فصول الكتاب سهل صدفة حسنة من واقع التاريخ، فالقوى التي تحدث حكم (قاسم) طورت قواها بشكل مطرد، فأمكن متابعة إنشطار متوال دون الإخلال بتسلسل الأحداث والوقائع.

بعض من الإختلال في السياق ظاهري لكنه غير حقيقي، فمثلاً هناك “الفاصل القومي” المتعلق بمؤامرة (رشيد عالي) كان على الأغلب جواباً على “التحدي الشيوعي” الذي بدا عظيم القوة في نهاية عام 1958، ولذلك تدخل المؤامرة ضمن السياق، وينطبق القياس نفسه وبأكثر دقة على محاولة الشواف الإنقلابية.

الوزن 916 جرام
اسم المؤلف

اوريل دان

اسم المترجم

جرجيس فتح الله

عدد الصفحات

512

سنة النشر

2012

الطبعة

1

اسم دار النشر

منشورات الجمل ,دار آراس للطباعة والنشر

المراجعات

لا توجد مراجعات بعد.

كن أول من يقيم “العراق في عهد قاسم ,تاريخ سياسي ج1”

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

العراق في عهد قاسم ,تاريخ سياسي ج1
This website uses cookies to improve your experience. By using this website you agree to our Data Protection Policy.
Read more